دفع الجزيه وما هي الجزيه وكم تدفع الجزية وتعريفها في الإسلام
الجزية في الإسلام والجزية في اللغة العربية ويمكنكم معرفة تعريفها في الإسلام وكم هو المبلغ في دفع الجزية الموضحة في الإسلام.
ماهي الجزية في الإسلام
لكن الإسلام كعادته لا يتوقف عند ممارسات البشر السابقة عليه، بل يترفع عن زلـلهم، ويضفي خصائصه الحضارية، فقد ارتفع الإسلام بالجزية ليجعلها، لا أتاوة يدفعها المغلوبون لغالبهم، بل لتكون عقداً مبرماً بين الأمة المسلمة والشعوب التي دخلت في رعويتها. عقد بين طرفين، ترعاه أوامر الله بالوفاء بالعهود واحترام العقود، ويوثقه وعيد النبي صلى الله عليه وسلم لمن أخل به ، وتجلى ذلك بظهور مصطلح أهل الذمة، الذمة التي يحرم نقضها ويجب الوفاء بها ورعايتها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد أمر الله بأخذ الجزية من المقاتلين دون غيرهم كما نصت الآية على ذلك { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } (3) قال القرطبي: “قال علماؤنا: الذي دل عليه القرآن أن الجزية تؤخذ من المقاتلين… وهذا إجماع من العلماء على أن الجزية إنما توضع على جماجم الرجال الأحرار البالغين، وهم الذين يقاتلون دون النساء والذرية والعبيد والمجانين المغلوبين على عقولهم والشيخ الفاني”.(4)
وقد كتب عمر إلى أمراء الأجناد: (لا تضربوا الجزية على النساء والصبيان، ولا تضربوها إلا على من جرت عليه المواسي)(5) أي ناهز الاحتلام.
ولم يكن المبلغ المدفوع للجزية كبيراً تعجز عن دفعه الرجال، بل كان ميسوراً ، لم يتجاوز على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الدينار الواحد في كل سنة، فيما لم يتجاوز الأربعة دنانير سنوياً زمن الدولة الأموية.
فحين أرسل النبي معاذاً إلى اليمن أخذ من كل حالم منهم دينارا، يقول معاذ: (بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا، أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة (هذه زكاة على المسلمين منهم)، ومن كل حالم ديناراً، أو عدله مَعافر(للجزية))(6)، والمعافري: الثياب.
وفي عهد عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- ضرب الجزية على أهل الذهب: أربعة دنانير، وعلى أهل الورِق: أربعين درهما؛ مع ذلك أرزاق المسلمين، وضيافة ثلاثة أيام.
الجزية في اللغة
الجزية في اللغة مشتقة من مادة (ج ز ي)، تقول العرب: “جزى ، يجزي، إذا كافأ عما أسدي إليه”، والجزية مشتق على وزن فِعلة من المجازاة، بمعنى “أعطوها جزاء ما منحوا من الأمن”، وقال ابن المطرز: بل هي من الإجزاء “لأنها تجزئ عن الذمي”.
الجزية للغني هل يخرج من العقاب
الجزية هي ما يؤخذ من أهل الذمة، قال القرطبي إنها مشتقة من جزى يجزى إذا كافأ عَمَّا أسدى إليه فكأنهم أعطوها جزاء ما منحوا من الأمن، وهي إنما تؤخذ من الحر البالغ العاقل المقاتل عند القدرة على دفعها، ولا تؤخذ من النساء والصبيان والعبيد والمجانين والشيوخ الهرمين ولا من العاجز عن دفعها فقد أعفى عمر منها يهوديا فقيراً وجده يسأل، وهي من محاسن الإسلام فقد كان ملوك الروم يأخذون من العاملين نصف إنتاجهم، وأحياناً يغتصبون منهم مالهم بغير حد، فجاء الإسلام وأخذ منهم ديناراً واحداً كما في حديث الترمذي عن معاذ بن جبل قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فأمرني أن أخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعاً ومن كل أربعين مسنة ومن كل حالم ديناراً.والحديث صححه الألباني.
ثم إن فرض الجزية عليهم لا يعني إكراههم على الإسلام، فإنه لا إكراه في الدين، كما في الآية، وكما في المصنف لعبد الرزاق: كان في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن ومن كره الإسلام من يهودي ونصراني فإنه لا يحول عن دينه وعليه الجزية.
ما هي شروط الجزية
لا تؤخذ إلا من رجل حر عاقل. واصل هذه الشروط ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حين بعث معاذ بن جبل إلى اليمن قال له في الجزية : “إن على كل حالم دينارا”.
وقد روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى أمراء الأجناد يأمرهم “أن يقاتلوا في سبيل الله، ولا يقاتلوا إلا من قاتلهم، ولا يقتلوا النساء ولا الصبيان، ويقتلوا إلا من جرت عليه الموسى (أي البالغ الذي نبت شعر وجهه)، ولا يضربوها على النساء والصبيان”.
وما تدل عليه الآية “قاتلوا الذين لا يؤمنون”. الآية، وما تدل عليه أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام وكتابات عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن الجزية تؤخذ من “الرجال المقاتلين الأحرار”. ويدل ذلك على أنه ليس على العبد جزية وإن كان مقاتلا، لأن العبد لا مال له.
ويعفى من الجزية –فضلا عن العبيد- النساء والصبيان. ولو حدث أن أعطت امرأة الجزية للمقام في دار الإسلام فإنه لا يلزمها ما بذلته، وكان ذلك منها كالهبة لا تؤخذ منها إن امتنعت ولزمت ذمتها.
ويعفى من الجزية كذلك المساكين والرهبان في الصوامع، هذا إذا لم يخالط الرهبان الناس ويتخذوا المتجر والمزارع، فحكمهم في هذه الحالة كسائر النصارى تؤخذ منهم الجزية. كما يشترط على الراهب ألا يكون قد لجأ إلى الترهب بعد فرضها، فإن فرضت ثم ترهب لم يسقطها ترهبه.
وكذلك لا تؤخذ الجزية من الشيخ الكبير الذي لا يستطيع العمل ولا شيء له. ولا من الخنثى المشكل، إلا إذا كان زال إشكاله وبان أنه رجل فيؤخذ منه في مستقبل أمره دون ماضيه.
ولا تؤخذ من الأعمى الذي لا حرفة له ولا عمل، ولا من المقعد، إلا أن يكون أيهما موسرا فتؤخذ منه.
وهكذا نجد أن الإسلام حدد الخاضعين للجزية بحدود دقيقة تؤدي إلى إدخال نسبة كبيرة من أهل الكتاب إلى دائرة الإعفاء من أداء الجزية.
مقدار الجزية :
اختلف الفقهاء في قدر الجزية فذهب الإمام أبو حنيفة إلى تصنيف أهل الذمة ثلاثة أصناف :
– الأغنياء وتؤخذ منهم ثمانية وأربعون درهما (تدفع على أقساط في الشهر أربعة دراهم).
– الأوساط، أي متوسطو الحال، ويؤخذ منهم أربعة وعشرون درهما (تقسط على درهمين في الشهر).
– الفقراء ويؤخذ منهم اثنا عشر درهما (تقسط على درهم واحد في الشهر)، فجعلها مقدرة الأقل والأكثر ومنح اجتهاد الولاة فيها.
وقال الإمام مالك أن الجزية لا يقدر أقلها ولا أكثرها وهي متروكة لاجتهاد الولاة في الطرفين. وذهب الإمام الشافعي إلى أنها مقدرة الأقل بدينار واحد لا يجوز الاقتصار على أقل منه، وأما أكثرها فغير مقدر ويرجع فيه إلى اجتهاد الولاة. ويجتهد رأي الوالي في التسوية بينهم جميعا أو التفضيل بينهم بحسب أحوالهم.
وقد كان مقدار الجزية في بادئ الأمر غير محدد، إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يقدرها بحسب الأحوال وعلى مقتضى التراضي بين المسلمين وأهل الذمة. فلما صالح أهل نجران تراضوا على جزية مقدارها 2000 حلى في صفر و1000 حلة في رجب، والحلة ثمنها أوقية، والأوقية أربعون درهما. وصالح أهل اذرح على مائة دينار في شهر رجب من كل عام. وصالح أهل “مقنا” على ربح أخشابهم وغزولهم وكراعهم وزروعهم وثمارهم. وصالح غيرهم من يهود جزيرة العرب على ذلك.
وقد ظلت الجزية بلا تعيين إلى آخر أيام أبي بكر، فلما تولى عمر وكثرت الفتوح عين مقدارها، وكتب إلى أمرائه يأمرهم أن يجعلوا الجزية على أهل الفضة كل رجل أربعين درهما، وعلى أهل الذهب أربعة دنانير.
ثم أعاد عمر النظر في مقدار الجزية بأن أبدلها بالنقود، لأن أسعار المواد الغذائية كانت قد ارتفعت فأرهقت تكاليفها الناس. فخف عمر عنهم، وعدلت الجزية بعد ذلك فعينت باعتبار درجات الناس ومقدرتهم المالية.
وكان تقدير الجزية يتم على أساس ما يبقى في أيدي الناس من دخلهم بعد نفقاتهم. ومثل على ذلك ما فعله عبد الملك بن مروان مع أهل الجزية بالعراق، فقد أمر عامله هناك بأن يعيد تقدير الجزية، فأحصى الرؤوس، وجعل الناس عملا بأيديهم، وحسب ما يكسب العامل في سنته، وطرح من ذلك نفقة طعامه وادمه، وطرح أيام الأعياد في السنة كلها، فوجد الذي يحصل عليه العامل بعد ذلك أربعة دنانير لكل واحد فألزمهم دفعها.
فكان نظام احتساب الجزية كالآتي :
عدد أيام السنة –عدد أيام الأعياد- عدد أيام الشغل.
إيراد العامل في أيام الشغل –نفقته كلها في أيام الشغل= 4 دنانير وهو مقدار الجزية. ويتضح من ذلك أن تقدير الجزية في الإسلام كان يتم بطريقة تشبه الطريقة العصرية في فرض الضرائب على أساس صافي الإيراد كما أنه روعي في فرضها الطاقة الضريبية للرعية.
متى تدفع الجزية
الجزية واجبة على جميع كفار أهل الكتاب من الرجال البالغين إلا من خرج عن وجوبها منهم بخروجه عن اعتقاد الكفر وأن دخل معهم في بعض أحكامهم من مجانينهم ونواقص العقول منهم عقوبة من الله تعالى لهم لعنادهم الحق وكفرهم بما جاء به محمد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم النبيين وجحدهم الحق الواضح باليقين، قال الله (عز وجل): (( َقاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِاليَومِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعطُوا الجِزيَةَ عَن يَدٍ وَهُم صَاغِرُونَ )) (التوبة:29).
والذي يمتنع عن أعطاء الجزية يقاتل حتى يسلم أو يعطي الجزية.
وإذا أردنا تحليل المسألة نجد أن أهل الكتاب سوف يعيشون في الدولة الإسلامية دون أن يدفعوا لها أي مقدار من المال لأن الزكاة والخمس غير واجبة عليهم بخلاف المسلمين حيث نجد أن عليهم الزكاة والخمس، فكان من المناسب أن تفرض عليهم ضريبة مالية على الرجال منهم وتعيد التوازن إلى حركة انتقال الأموال بين المجتمع الواحد، هذا من وجهة اقتصادية ومن وجهة أخرى إن فيها تصغير لشأنهم بأن يكونوا مواطنين منقادين لقوانين الإسلام حتى تحفظ لهم أنفسهم وأموالهم.
ما هو مقدار الجزية
وليس في الجزية حد مرسوم لا يجوز تجاوزه إلى ما زاد عليه ولا حطة عما نقص عنه، وإنما هي على ما يراه الإمام في أموالهم، ويضعه على رقابهم على قدر غناهم وفقرهم . وكان أمير المؤمنين عليه السلام قد جعل على أغنيائهم ثمانية وأربعين درهما، وعلى أوساطهم أربعة وعشرين درهما، وجعل على فقرائهم اثنى عشر درهما . وكذلك صنع عمر بن الخطاب قبله، وإنما صنعه بمشورته عليه السلام . روى حريز عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ما حد الجزية على أهل الكتاب ؟ فقال : ذاك إلى الإمام، يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر ما له وما يطيق، إنما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا، أو يقتلوا، فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون وقال عليه السلام : إن الله عز وجل يقول : (( حَتَّى يُعطُوا الجِزيَةَ عَن يَدٍ وَهُم صَاغِرُونَ )) (التوبة:29). فللإمام أن يأخذهم بما لا يطيقون حتى يسلموا، وإلا فكيف يكون صاغرا، وهو لا يكترث لما يؤخذ منه، فيألم لذلك، فيسلم . وروى محمد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أرأيت ما يأخذ هؤلاء من أرض الجزية وما يأخذون من الدهاقين جزية رؤوسهم أما عليهم في ذلك شئ موظف ؟ فقال : عليهم ما أجازوه على أنفسهم، وليس للإمام أكثر من الجزية إن شاء وضعها على رؤوسهم، وليس على أموالهم شئ، وإن وضعها على أموالهم فليس على رؤوسهم شئ . فقلت له : فهذا الخمس ؟ فقال : هذا شئ كان رسول الله صلى الله عليه وآله صالحهم عليه . وروى أيضا محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : إذا أخذت الجزية من أهل الكتاب فليس على أموالهم ومواشيهم شئ بعدها
وقال الطباطبائي في تفسير الميزان ج 9ص 242:
قال الراغب أيضا : الصغر والكبر من الأسماء المتضادة التي تقال عند اعتبار بعضها ببعض فالشئ قد يكون صغيرا في جنب الشئ وكبيرا في جنب آخر – إلى أن قال – يقال : صغر صغرا – بالكسر فالفتح – في ضد الكبير وصغر صغرا وصغارا – بالفتحتين فيهما – في الذلة . والصاغر الراضي بالمنزلة الدنية : (( حَتَّى يُعطُوا الجِزيَةَ عَن يَدٍ وَهُم صَاغِرُونَ )) انتهى .
والاعتبار بما ذكر في صدر الآية من أوصافهم المقتضية لقتالهم ثم إعطاؤهم الجزية لحفظ ذمتهم يفيد أن يكون المراد بصغارهم خضوعهم للسنة الاسلامية والحكومة الدينية العادلة في المجتمع الاسلامي فلا يكافؤا المسلمين ولا يبارزوهم بشخصية مستقلة حرة في بث ما تهواه أنفسهم وإشاعة ما اختلقته هوساتهم من العقائد والأعمال المفسدة للمجتمع الانساني مع ما في إعطاء المال بأيديهم من الهوان . فظاهر الآية أن هذا هو المراد من صغارهم لا إهانتهم والسخرية بهم من جانب المسلمين أو أولياء الحكومة الدينية فان هذا مما لا يحتمله السكينة والوقار الاسلامي وإن ذكر بعض المفسرين