هل عادت جائحة كورونا وكيف تجنب مرض كورونا 2021
مروان الغفروي يتحدث عن عودة جائحة كورونا
تقول البيانات التي يوفرها معهد روبرت كوخ إن نسبة النتائج الإيجابية في فحوصات كورونا هذه الأيام لم تتجاوز الـ 1 في المائة. بينما كانت قد بلغت، في أبريل الماضي، ال9 في المائة. بالأمس سجلت ألمانيا ثلاثة آلاف حالة في يوم واحد. أرقام تذكر بالأيام الأولى في الربيع الماضي. غير أن شيئاً ما جدير بأن يوضع في الحسبان: تجرى فحوصات كورونا حالياً بمعدل عشرة أضعاف ما كان يجري في الربيع. ما قد يعني أن الثلاثة آلاف حالة التي أعلن عنها بالأمس كانت ستكون 300 حالة قبل أشهر، حين كانت ألمانيا تسجل سبعة آلاف حالة يومياً.
وفي نيويورك سجّلت بالأمس ألف حالة جديدة، كانت في الربيع تتجاوز العشرين ألف حالة يومياً. تجري نيويورك مسحاً رهيباً لم تكن قادرة على مثله في السابق حين باغتها الوباء.
تطور فهمنا للفيروس مقارنة بوضعنا في الشتاء/ الربيع الماضيين. فمثلاً صرنا نعرف أن الفيروس خضع لما يزيد عن مائة ألف عملية تحور في ترتيب قواعده النتروجينية خلال الأشهر الماضية. حتى إن الخارطتين الجينيتين لكورونا من شخصين متجاورين ستكون مختلفة على الأقل في عشر قواعد نيتروجينية. شرحت دراسات عديدة نشرت مؤخراً هذه الظاهرة وبقي السؤال الإكلينيكي مفتوحاً: إلى أي حد قد تؤثر هذه التحورات على قدرة الفيروس على الانتشار والأمراض؟.
نعرف أيضاً، كما في دراستين مستقلتين عن بعضهما نشرتا في الأيام الماضية، أن مقدمات جينية معيّنة هي التي تفتح الطريق أمام الفيروس للفتك بالجسد. بدأت القصة أولاً من هولندا في مرض توأم في نهاية العشرينات. مات أحدهما وشفي الآخر. التحليل الجيني للشابين كشف عن تحوّر في جينات الشخص الذي فارق الحياة، فقد كان جسده أقل قدرة على إنتاج الإنترفيرون مقارنة بشقيقه الذي عاش. أثارت المسألة اهتمام البحث العلمي، وقبل أيام قالت دراسة علمية إن حوالي 110 أشخاص من حوالي تسعمائة حالة حرجة شملتها الدراسة يعانون من عجز حقيقي في إنتاج الإنترفيرون. دراسة أخرى نشرت في الوقت نفسه قالت إن حوالي 4 في المائة من الحالات الحرجة يحتوي دمهم على أجسام مضادة تكسّر الإنترفيرون. ما يعني أننا أمام اختراق علمي يقول إن حالة حرجة من كل ثمان حالات حرجة تعاني في الأساس من مشكلة في إنتاج الإنترفيرون بسبب تحورات جينية في خلايا المريض. المثير هو أن كل المرضى الذين عانوا من أعراض خفيفة، أو أصيبوا ولم تظهر عليهم الأعراض، لا يعانون من أي عجز في الإنترفيرون. تذهب الاقتراحات العلمية بعيداً، بسبب الأثر السيء الذي يتركه الفيروس على أجساد كبار السن هو الوهن المناعي. تأتي نظرية الإنترفيرون في طليعة التقديرات العلمية تلك.
قد نكون أمام معضلة إحصائية لا أمام موجة وبائية ثانية. وربما نكون بالفعل أمام موجة ثانية، أو خليط من الاثنين. لكن اللافت، كما تذهب تقديرات معهد الفيروسات في جامعة إيسن، هو أن شراسة المرض أقل من ذي قبل. وبالرغم من أن فرنسا سجلت خلال الأيام الماضية ما يزيد عن ثمانين ألف حالة جديدة إلا أن نظامها الصحي بقي متماسكاً بخلاف ما جرى لها في الموجة الأولى عندما بلغت الرقم نفسه.
أما موقف الشخص الفردي فلا بد أن يكون كما هو:
الكمامات، التباعد، النظافة.
خلال الأسبوعين القادمين ستنتهي الولايات الأميركية من وضع خططها لتوزيع اللقاح، وسترفعها إلى الحكومة المركزية. لقاح موديرنا ماض في المرحلة الثالثة، كذلك لقاح شركة جيه آند جيه. أيضاً لقاح أكسفورد، واللقاح الصيني الذي بدأت الإمارات بتوزيعه قبل أن يجتاز اختباره النهائي.
وفيما يخص لقاح أوكسفورد فقد دخل مرحلة التصنيع، ومن المتوقع أن يجري توزيعه في اليوم التالي لإقراره من قبل السلطات. أميركيا يحلم ترامب بلقاح قبل موعد الانتخابات، وأوروبياً يحلم رجال الأعمال والحكومات بلقاح ينقذ القارة من ركود وشيك سيكون بالغ الأثر. ولكن ما إذا كان اللقاح سينقذ ترامب، تلك مسألة أخرى. فقد قال 41 في المائة من الأميركيين إنهم لن يأخذوا لقاح كورونا، كما في استقصاء نشر في الأيام الماضية.
المرحلة الثالثة من “دراسة اللقاح” لا تزال بحاجة إلى أسابيع. وفرت الأسابيع الماضية قدراً كبيراً من البيانات، وبحسب ما يرشح فإن الانطباع الأولي يقول إن “الكفاءة والسلامة” عبرتا عن نفسيهما بشكل إيجابي.
وفي الأيام الماضية علّق لقاح أوكسفورد لبضعة أيام بعد أن تعرض متطوع واحد لأعراض جانبية شديدة. لقاح جديد دخل المرحلة الثالثة. في الأشهر القادمة ستتوفر لقاحات عديدة بأشكال شتّى. ويبدو أننا سنكون مضطرين لإجراء اللقاح مرة كل عام أو كل عامين. الفيروسات التاجية معروفة بقدرتها على إثارة مناعة محدودة زمنيا. سرعان ما ينسى الجسد طبيعة الفيروس، ولا بد من تذكيره به. من صفحة مروان الغفور1
- مروان الغفوري تاريخ التحديث 27-9-2020 [↩]